بمبادرة من إدارة الحفر في أرامكو السعودية في عام 2015م، تم إطلاق مبادرة إنشاء أكاديمية الحفر العربية السعودية (صدى) والتي يرأس مجلس إدارتها الأستاذ داود الداود، نائب رئيس أرامكو السعودية لأعمال الزيت في المنطقة الشمالية. وتتميز هذه الأكاديمية بحوكمة إدارية لا مثيل لها في العالم، حيث نجحت الأكاديمية في استقطاب 34 شركة لتبنّي ودعم هذه المبادرة.
ويضم مجلس إدارة (صدى) 15 عضوًا يمثلون أرامكو السعودية، ومؤسسة التدريب المهني والتقني، وعدد من الشركات.
تنمية صناعة الحفر
تُعد أكاديمية الحفر العربية السعودية (صدى) استجابة لتحدّيات النمو الصناعي وخدمات الطاقة التي تهدف لأن تصبح مركزًا للتدريب يخدم صناعة الحفر وصيانة الآبار في المنطقة. وقد برزت فكرة هذه المبادرة الرائدة في يونيو 2014م، غير أن بداية العمل بشأن تحقيقها على أرض الواقع كان في مارس 2015م عندما أخذت المنطقة الإدارية للحفر وصيانة الآبار على عاتقها وضع التصوّر العام للأكاديمية.
وبإجراء دراسة جدوى للمشروع تغطي جميع مناطق المملكة، خلصت تلك الدراسة إلى ضرورة تدريب نحو 90 ألف مواطن خلال العقدين القادمين لتلبية الحاجة إلى الأيدي العاملة التي تتطلبها خطط تنمية صناعة الحفر في المملكة. ومن هنا تقرّر إنشاء أكاديمية الحفر السعودية من أجل تدريب أكثر من أربعة آلاف شاب سنويًا في برامج مختلفة . ما يُسهم في زيادة نسبة السعودة بشكل ملحوظ في صناعة الحفر في جميع الدرجات الوظيفية للمهن الفنية.
مشروع وطني رائد
للأكاديمية مجلس أمناء يبلغ عدد أعضائه 15 عضوًا، بينهم ثلاثة أعضاء من أرامكو السعودية، بالإضافة إلى عضو واحد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وأحد عشر عضوًا تم التصويت على اختيارهم من شركات الحفر وصيانة الآبار التي تُمثّل الجهات المشاركة في تأسيس الأكاديمية.
ويحصل المشروع على التمويل اللازم له من صناعة الحفر نفسها عن طريق مساهمة الشركات المشاركة في تأسيس الأكاديمية واستمرار عملها، كما لعبت أرامكو السعودية دورًا مهمًّا في دعمها للأكاديمية باعتبارها مشروعًا وطنيًا. واستغلالًا للوقت، اتفقت أرامكو السعودية مع الجهات المشاركة على تدشين أكاديمية الحفر السعودية على مرحلتين، مما أتاح سرعة البدء في أعمال التدريب في سبتمبر 2016م، فيما يجري العمل على بناء المبنى الدائم للأكاديمية الذي يتّسع لآلاف المتدربين سنويًا. وخلال هذه الفترة، تقوم الأكاديمية مؤقتًا بتدريب مئات المتدربين وتخريجهم في مركز التدريب التابع للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في بقيق.
أهداف وتطلعات
تعمل الأكاديمية على تحقيق عدد من الأهداف التي تواكب إستراتيجية أرامكو السعودية وشركات الحفر المشاركة في هذه المبادرة التدريبية التي تخدم برامج المستقبل التنموي في قطاعات الحفر والتنقيب المختلفة، ويشمل ذلك:
السعودة وخلق الوظائف: تحقيق نسبة سعودة تصل إلى 85% بحلول عام 2035م.
التوعية المجتمعية: تطوير مسؤولية اجتماعية مؤسسية ملموسة في المجتمع الذي تعمل به.
تلبية الطلب: تجسير الفجوة في جودة مراكز التدريب.
التنافسية: الإسهام في رفع مستوى التنافسية من خلال تقديم خدمات تدريب مشتركة.
المعيار: تحسين مستويات الكفاءة والسلامة في مواقع الحفر ومرافقها من خلال توحيد معايير المهارات الوظيفية الأساس.
وتتمثّل أبرز نقاط القوة للأكاديمية في المجموعة الكبيرة والمتنوعة من برامج التدريب التي تُقدّمها لشركات الحفر، إذ لا تقتصر النماذج والبرامج التدريبية المقدمة على تدريب خريجي المدارس الثانوية فحسب، بل توجد أيضًا برامج للتطوير المستمر للمُشغّلين والفنيين في بدايات مسيرتهم المهنية من شأنها مساعدتهم على الترقي في السلم الوظيفي حتى اعتلاء المناصب العليا في مجالاتهم.
كوادر وطنية مؤهلة
الأكاديمية من الصروح الوطنية العلمية المهمة إذ تأتي فكرتها ملبية لمتطلبات رؤية السعودية 2030 التي جعلت الإنسان محور التنمية، ولإعداد جيل من الشباب المؤهل في كافة القطاعات التي تحتاجها المملكة في السنوات المقبلة، وهي من بين المشروعات الرئيسة والمهمة التي تفخر بها إدارة تطوير القوى العاملة الوطنية، حيث تعمل الإدارة فيها بالتعاون مع جميع الجهات المشاركة نظرًا لمردودها الإيجابي العائد على صناعات الحفر في المملكة، ودعمها بالكوادر الوطنية المؤهلة.
وقد تم افتتاح الأكاديمية بمدينة بقيق في 25 من ذي الحجة 1437هـ الموافق 26 سبتمبر 2016م بدعم وتمويل من قطاع شركات الحفر الخاصة، إذ تتبنّى 34 شركة حفر محلية وعالمية في المملكة طلاب الأكاديمية، وبمشاركة ودعم لوجستي من أرامكو السعودية ومؤسسة التدريب المهني والتقني، حيث يتم فيها احتضان فئة الشباب في المملكة لتأهيلهم بالمهارات اللازمة لسد الحاجة في قطاع الحفر والتنقيب، ومن المتوقع أن يبلغ عددهم أكثر من ثلاثين ألفًا بحلول عام 2030م.
ويغطي برنامج التدريب الخاص بالأكاديمية 21 شهرًا، بدءًا من الإعداد والتحضير، يليه التوجه الميداني لمدة 14 أسبوعًا، وشريحة أكاديمية لمدة 50 أسبوعًا تغطي مستويات مختلفة من مفاهيم اللغة الإنجليزية والرياضيات والصحة والسلامة المهنية، الحفر وأعمال موقع البئر لمدة أربعة أسابيع، واكتساب الخبرة العملية أو العامة والمحددة لمدة 14 أسبوعًا.
وتبذل دائرتا الحفر وصيانة الآبار والتدريب والتطوير في أرامكو السعودية جهودًا حثيثة لمساندة الأكاديمية، حيث شكّلت الدائرتان فريقًا من الخبراء المختصين من أرامكو السعودية والجهات المشاركة في تأسيس الأكاديمية، فيما لعبت شركات الحفر دورًا استباقيًا بمبادرتها لتقديم الدعم اللازم له منذ مراحله الأولى، سواءً كان ذلك من خلال توفير المعدات والأجهزة اللازمة للتدريب أو تكليف الخبراء المختصين بالعمل مع فريق تطوير المشروع أو من خلال الحضور الفعّال الذي يُسهم به أعضاء إدارات تلك الشركات في شتّى الدوائر والمنشآت التابعة للأكاديمية.
البرامج الأكاديمية
ترتكز فكرة الأكاديمية على ثلاثة أسس: توظيف أكبر عدد من الشباب السعودي في قطاع الحفر والتنقيب، وتفعيل دور الشركات في المسؤولية الاجتماعية، وخفض التكاليف والإسهام في التنافسية.
ويشتمل التدريب فيها على تدريب خريجي الثانوية العامة والكوادر الفنية العاملة لتحسين مهاراتهم ودعمهم في التدرج الوظيفي. ويستمر التدريب الأكاديمي قرابة العام، يتلقى فيه الطالب مهارات في الرياضيات واللغة الإنجليزية والمواد الأكاديمية في قاعات الدرس، إلى جانب تدريب آخر يشمل ورش عمل تدريبية على أجهزة محاكاة وأبراج الحفر.
ويستغرق البرنامج التدريبي في مجمله ثمانية عشر شهرًا، من التدريب الأكاديمي والعملي، سوف يؤهل الخريجين للعمل كفنيي حفر، ويُعد المشروع الأول من نوعه في العالم لأنه نتاج شراكة بين عدة شركات عاملة في المملكة من بينها أرامكو السعودية.
ويستوعب مبنى الأكاديمية العائد لمؤسسة التدريب المهني والتقني 471 طالبًا، موزّعين على 22 فصلًا دراسيًا، تنقسم بدورها إلى أربعة عشر فصلًا للتدريب الأكاديمي، وثمانية فصول للتدريب العملي، وجميع مدرِّبي الأكاديمية هم من إدارة التدريب الصناعي في أرامكو السعودية.
ومن واقع أنشطة الحفر، تحتاج المملكة للمزيد من فنيي الحفر سنويًا للعمل في صيانة وحفر وتطوير الآبار، خاصة وأنها أحد أكثر دول العالم نشاطًا في هذا المجال.
ولتجويد أعمال الحفر الميدانية، تم إنشاء منصة حفر عملاقة بوسط الأكاديمية، هُيئت لتكون أداة تعليم بالحجم الطبيعي، حتى يتسنّى لطلاب "صدى" التدرب على كيفية التعامل معها بشكل احترافي قبل النزول إلى الحقول للعمل. وقد أكّد المسؤولون عن التدريب، في المنصة، طبيعة التحدّي في مهنة الحفر، التي هي من المهن التي تحتاجها أرامكو السعودية لعقود مقبلة، لأنها في صميم أنشطتها كشركة نفط وطنية.