(سويم آر) .. روبوت ذكي للمراقبة والتفتيش في المياه الضحلة
في المياه الضحلة تواجه الغواصين تحديات تتفاوت في خطورتها، وفي إحدى مهمات العمل نرى أحد الغواصين متصلًا بحبل أشبه ما يكون بحبل السرة الذي يربطه بالحياة، ليقوم بعد ذلك بالنزول في المياه لبدء تفتيش أحد الأصول التابعة لأرامكو السعودية. ويعمل الحبل الذي يبدو كحبل أصفر سميك، بمثابة قناة لتوريد الغاز أثناء الغوص. كما يحتوي على أسلاك معززة تسمح بالاتصال اللاسلكي مع الغواص، بالإضافة إلى توفير الضوء للغواص ونقل بث الكاميرا إلى منصة الغوص على السطح.
ويتصل الحبل بسفينة تفتيش مخصصة للمياه الضحلة. ومع ذلك، يجب أن يعمل الغواص بحذر، حيث تنتظره مجموعة من المشكلات المحتملة، وليس أقلها خطرًا الإضرار بقاع البحر أو الاصطدام بالعوائق في المياه الضحلة، فهذا العمل محفوفٌ بالمخاطر. وتطبيقًا للمثل القائل «الحاجة أم الاختراع»، فقد لجأت وحدة التفتيش والإصلاح البحري إلى مختبر الأنظمة الذكية في مركز البحوث والتطوير في أرامكو السعودية للحصول على المساعدة. والسؤال الذي يُطرح هنا هو كيف يمكنهم تفتيش الأصول في المياه الضحلة مع تجنب المخاطر المحتملة للسفن المساندة؟
وللوصول للحلول اللازمة، فقد تمَّ تعيين سبعة مهندسين في قسم سلامة شبكة الزيت والغاز للعمل مع ثلاثة أعضاء من إدارة الأعمال البحرية، لدراسة هذه الحالة وتقديم الحلول، ونجحوا في أقل من عامين في تطوير روبوت مراقبة وتفتيش للعمل في المياه الضحلة أُطلق عليه اسم (سويم آر). ويستطيع الجهاز إجراء أعمال التفتيش البصري وتنظيف البيئة البحرية وتقديم قراءات كثافة الموجات فوق الصوتية، بالإضافة إلى قياس جهد الحماية الكاثودية في المياه الضحلة. ويمكن للغواصين الآن تشغيل القوارب عن بُعد من سفن الغوص.
يقول رئيس وحدة التفتيش والإصلاح البحري، خلدون بخاري: «إنه لإنجازٌ عظيم، فهذا الابتكار فاعل للغاية لتنفيذ أعمالنا في المياه الضحلة، وهو مثال رائع للتعاون بين الإدارات المختلفة».
شادي النغيمشي، الذي يبلغ من العمر 28 عامًا، هو أحد مشغلي (سويم آر)، ويعمل مشرفًا على متدرِّبي الغوص، ويقوم بتشغيل التقنية من فوق سطح سفينة مساندة الغوص. يقول النغيمشي: «كانت هذه تقنية رائعة طُوِّرت خصيصًا لأعمالنا. ومن الطبيعي أن أشعر بالفخر الشديد كوني جزءًا من عملية تطبيقها؛ فهذا يدلُّ على أن الشركة تبحث دائمًا عن طرق مبتكرة للتعامل مع التحديات التشغيلية».
النغيمشي كان سبَّاحًا أولمبيًا، وفي عام 2008م، مثّل المملكة في الألعاب الأولمبية في فئة السباحة الحرة في بكين. وها هو يتحدث بعد مرور أربع سنوات على انضمامه إلى وحدة التفتيش والإصلاح البحري كغواص عن شغفه بهذه المهمة، ويقول: «المياه هي شغفي.. وظيفتي هي شغفي». تلقى النغيمشي تدريبًا مكثفًا في وحدة التفتيش والإصلاح البحري، ويقول حول ذلك: «لقد بذلت الشركة جهدًا كبيرًا لتطويري ويجب عليّ التحلي بالمسؤولية تجاه ذلك، يجب أن نبذل قصارى جهدنا دائمًا، وأن نبحث عن طرق يمكننا من خلالها تحسين أعمالنا».
أول غواص سعودي في أرامكو السعودية
يتحدث إياد الحجي، ذو الـ 40 عامًا، بحماس منقطع النظير، عن «علاقة خاصة» تربط بينه وبين الماء. ويعمل الحجي، الذي يسكن في مدينة الخبر، مشرفًا للغوص، وهو ينهمك في أداء مهماته بالإشراف على أعمال الغوص على السفن، أو في مكتبه في رصيف رأس تناقيب لضمان أداء المهمات بسلاسة.
ويُعَدُّ الحجي رائدًا في عالم الأعمال البحرية في أرامكو السعودية، فعندما انضم إلى أعمال الغوص في الشركة عام 2006م، لم يكن هناك سعوديون آخرون في الفريق، حيث كان الحجي أول سعودي يعمل في هذا المجال.
يقول الحجي: «كنت على يقين بأن العمل في أرامكو السعودية سيكون مثيرًا. فقد قدّم لي تحديات جديدة، وكنت على استعداد للتصدي لها. لقد كان من دواعي فخري أن أكون أول غواص سعودي في الشركة». وتلقى الحجي تدريبًا مكثفًا يشمل دورة تدريبية لإسعافات الغوص وبرنامجًا في الاختبارات غير الإتلافية /التفتيش البحري، وهي مهارات مهمة في مسيرته المهنية في الشركة. ويُعَدُّ الحجي الآن مرشدًا في الوحدة بالرغم من سنه اليافع نسبيًا.
يقول الحجي: «لطالما أحببتُ الغوص، فعند الغوص لا يمكنك أن تعرف أبدًا التحديات التي يمكن أن تواجهها. وهنا يكمن جمال هذه الوظيفة. أنت تعمل في بيئة غريبة على حياة الإنسان، حيث إنه مخالف للطبيعة أن يكون الإنسان تحت سطح الماء لأوقات طويلة. وأنا أسأل نفسي أحيانًا أثناء وجودي تحت سطح البحر: ماذا أفعل هنا؟ لكن هذه البيئة تُبرز أفضل ما في الإبداع البشري».
شغف البحر
على الرغم من عملهما كاتبين إداريين في إدارة الخدمات الفنية البحرية، فإن كلًا من مصعب الحمود، ومتعب عطيف، وجدا نفسيهما في عمق البحار، وذلك بعد أن استجاب الحمود وعطيف لطلب إدارة الخدمات الفنية البحرية باستدعاء من لديه الاهتمام بأن يصبح غواصًا.
كان كلٌ من الحمود وعطيف جزءًا من حملة لتوظيف غواصين من الشركة للانضمام إلى وحدة التفتيش والإصلاح البحري. وكان عليهم أن يثبتوا قدراتهما أثناء مواجهتهما لتحديات جسدية ونفسية هائلة ليصبحا مؤهلين. يقول خلدون بخاري: «لدينا عملية توظيف داخل الشركة، وهي عملية صارمة، فنحن لا نوظف سوى الأفضل، والجانب الجسدي ما هو إلا جانب واحد فقط من المتطلبات. فيجب بطبيعة الحال أن يكون المتقدمون للوظيفة لائقين بدنيًا، لكن يجب أن يكون الاستعداد الذهني متواجدًا، ويحتاج الأمر إلى شيء مميّز لكي تصبح غواصًا في الوحدة».
وفي هذه المرحلة، بدأ برنامج تدريبي شامل، وانضم الاثنان إلى دورة تعريفية مدتها ثلاثة أشهر على متن سفن أرامكو السعودية، حيث راقبا أعمال الغوص وإجراءات السلامة واستخدامات غرفة إزالة الضغط. وعقب ذلك خضعا لبرنامج مكثف للتدريب على الغوص تحت سطح الماء لمدة 90 يومًا في خليج سالدانها في جنوب إفريقيا. وتدرب كلاهما على أعمال الغوص يوميًا من الساعة 10 صباحًا حتى الساعة 5 مساءً. وخضعا لتدريب أساس للبحارة ولاحظا تحسنًا ملحوظًا في مستوى لياقتهما البدنية.
وبعد التخرج بنجاح من الدورة، عاد كلاهما إلى الوحدة كغواصين مؤهلين تمامًا. ومثل زملائهما في وحدة التفتيش والإصلاح البحري، يعمل الحمود وعطيف خمسة أيام متواصلة، ثم يحظيان بيومي عطلة. ويقضيان أغلب أيام العمل الخمسة على متن السفن في الخليج العربي، حيث يعملان ويتناولان الطعام وينامان هناك.