الانتقال إلى المحتوى
Aramco

كلمة المهندس أمين بن حسن الناصر في منتدى إنيرجي إنتليجنس 2025

أمين حسن الناصر - الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين

أمين حسن الناصر، الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين

الكلمات|لندن، المملكة المتحدة|

السيدات والسادة، أسعد الله صباحكم،

أشكر رجا ولارا وأليكس وزملاءكم في إنيرجي إنتليجنس على إتاحة الفرصة لي لمناقشة التحديات التي تواجه الطاقة في الوقت الراهن. 

عندما يُكتب تاريخ التحوّل العالمي في مجال الطاقة، أعتقد أن المؤرخين سينظرون إلى الفترة الحالية على أنها اللحظة الحاسمة. اللحظة التي أدرك فيها العالم الحقيقة حول تقدم التحول.

كان الوعد الأكبر للتحوّل هو توفير طاقة وفيرة وميسورة التكلفة وآمنة، ووظائف جديدة، وانبعاثات أقل. بدلاً من ذلك، بعد أكثر من عقد من الزمن، ارتفعت التكاليف، وزاد الحمل على شبكات الإمداد، ولم تنخفض الانبعاثات - حتى في دول الشمال، حيث تم الترويج لمصادر الطاقة البديلة والمتجددة بوتيرة أكبر.

ففي الاتحاد الأوروبي، ارتفعت أسعار الغاز الصناعي والكهرباء (بما يقارب الضعفين إلى أربعة أضعاف) مقارنة بأسعار شركائه التجاريين الرئيسيين.  وبدلًا من موجة الوعود بمزيد من الوظائف الخضراء والصناعات التنافسية، يلوّح المستثمرون والشركات -للأسف- بالوداع للاتحاد الأوروبي. 

ومع ما يشهده العالم من حالة عدم اليقين بسبب التقلبات الجيوسياسية والتجارية والاقتصادية، يشعر المستهلكون بالغضب، وهم محقون في ذلك، لأن الضجة التي صاحبت وعود التحوّل لم تتحقق على الأرض. وإذا كان العالم المتقدم يعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة، ناهيك عن أعباء التصنيع الشامل، فهذا يعني ألا فرصة على الإطلاق أمام العالم النامي.

ما يؤكد على أن خطة التحوّل الراهنة، لم تكن لها أيّ فرصة للنجاح. كانت الأهداف، ووتيرة العمل غير واقعية بالمرة، والتكلفة باهظة للغاية. 

وعندما حظيت السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح بالاهتمام الكبير، بدت المواد الهيدروكربونية وكأنها ضيف غير مرغوب فيه في حفل التحوّل ذلك.  ومع هذا، فقد استمرت بدورها المحوري. فعلى مدى العقد الماضي، ارتفع الطلب العالمي على الطاقة بما يعادل 40 مليون برميل من النفط يوميًا. 

وقد وفّرت المواد الهيدروكربونية ثلثي هذا النمو في الطلب، على الرغم من إنفاق 11 تريليون دولار أمريكي على خطط التحوّل. هذا في مجال النمو على الطلب وحسب. وإجمالًا، يستهلك العالم 340 مليون برميل مكافئ نفطي يوميًا. لا تزال المواد الهيدروكربونية توفر 80%من هذه الطاقة، ولا يزال النفط والغاز والفحم يحطمون أرقامًا قياسية جديدة. 

إذًا هذا ليس خفضًا تدريجيًا للهيدروكربونات، ناهيك عن التخلص منها نهائيًا.

علاوة على ذلك، يسلط هذا الانتعاش للمواد الهيدروكربونية الضوء على التقدم المحدود الذي أحرزته بدائل التحوّل في الطاقة التي ذكرتها: السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح. فلا تزال السيارات الكهربائية تمثّل أقل من 6% من أسطول المركبات الخفيفة في العالم، على الرغم من جميع الاستثمارات وأشكال الدعم والاعفاءات التي تتلقاها.

حققت مصادر الطاقة المتجددة تقدمًا أكبر، لكنها تواجه تحديًا في الإمداد لأن الانقطاع هو نقطة ضعفها، عندما تتوقف الرياح أو تغرب الشمس أو تغطي السحب الشتوية سماء العالم. وبدون قاعدة تخزين اقتصادي واسعة النطاق، فإن كل وحدة إضافية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تزيد من عدم استقرار الشبكة، مما يجبر منظومة الطاقة على الاعتماد بشكل أكبر على الغاز والفحم.

وفي الواقع، فإن الفحم لا يزال يمثل ثلثيّ مزيج توليد الطاقة في بعض المناطق. لذلك، فإننا أمام ظروف يُسهم فيها نمو السيارات الكهربائية والتقنيات التي تعمل بالكهرباء في زيادة الانبعاثات، بدلًا من تقليلها.

كان ذلك الجانب الأقل وضوحًا في تحوّل الطاقة الآن. وهناك حقائق ومتغيرات أخرى سيتعيّن على التحوّل التعامل معها تباعًا.

فمثلًا مستويات المعيشة في البلدان النامية، تتحسن باستمرار خاصة في آسيا. وتشير توقعات النمو إلى أنه سيكون هناك المزيد من السيارات الكهربائية.

ومن المتوقع بحلول عام 2030، أن تستهلك منظومة مراكز البيانات بأكملها ما يصل إلى أربعة أضعاف الكهرباء التي يستهلكها أسطول السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات في العالم بأسره.

ومع موجة الترحيب بتنامي الطلب المرتقب، وبما يشبه تسونامي الإقبال على السيارات الكهربائية، إلا أنه من المتوقع أن يربك هذا النمو شبكات الكهرباء ويزيد من الانبعاثات. باختصار، لم يتحقق الكثير من التقدم الذي وعد به التحوّل، بل أسفر عن عديد من العواقب غير المتوقعة. 

ولحسن الحظ، فإن هذا الوضع يتحول الآن من ثلاثة جوانب رئيسة:

أولًا: تشهد السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة نموًا، لكنها لا تغطي مجرد نمو الطلب وتظل أرقام نموها صغيرة إجمالًا. تتحمل المواد الهيدروكربونية إلى حد كبير العبء الإضافي، وتظل العمود الفقري للطاقة العالمية، والمحرك الأكثر موثوقية للازدهار. لذا، في الواقع، هذا ليس تحوّلًا حقيقيًا في مجال الطاقة؛ بل إضافة للطاقة تتطلب تضافر جميع الجهود.

ثانيًا: هذا الواقع هو السبب في أن جميع كبار والمحللين يعيدون النظر في السيناريوهات المحتملة، مع استمرار النفط والغاز لعقود، وهو ما آمل أن يكون بمثابة ضوء أخضر للاستثمارات طويلة الأجل في كليهما.

ثالثًا: حتى في دول الشمال العالمي، فإن الواقع الاقتصادي والقيود التقنية، وقبول الناس لخطة التحوّل الحالية، تفرض إجراء بعض التغييرات الجذرية في السياسات.

تراجع هادئ بكل تأكيد.

في أرامكو السعودية، تعكس إستراتيجيتنا هذه النظرة الواقعية.

نحن ماضون في المحافظة على ريادتنا في مجال النفط، بفضل قاعدة مواردنا الضخمة، والتكاليف المنخفضة، وكون أرامكو السعودية من بين الأقل عالميًا من حيث كثافات الانبعاثات الكربونية في قطاع التنقيب والإنتاج. 

كما نرى طلبًا مرنًا وحاجة ملحة للاستثمارات طويلة الأجل في الإمدادات، وهو أمر صار مقبولًا على نطاق واسع الآن. لذلك، لا تزال إمكانات نمونا في مجال النفط كبيرة.

نحن نعمل على تسريع وتيرة أعمالنا في مجال الغاز، حيث نمتلك بعضًا من أكبر الاحتياطيات في العالم، بما في ذلك إمكانات كبيرة في مجال الغاز غير التقليدي. كما ندرك دور الغاز الأساسي في تخفيف الضغط على الشبكات غير المستقرة على الصعيد العالمي.

فهو يرتفع في غضون دقائق، ويساعد على استقرار منظومة الطاقة، وقد توقعنا استمرار زيادة الطلب. لهذا السبب نعمل على زيادة إنتاج الغاز بأكثر من 60% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات الإنتاج في عام 2021. 

وعلى الرغم من التراجع الحالي، تظل المواد الكيميائية مجالًا رئيسًا للنمو على المدى الطويل، مع قدراتنا المثبتة في كل من اللقيم وتحويل المواد الأولية. وتدعم إستراتيجيتنا خفض الانبعاثات بشكل أكبر.

كما نواصل في أرامكو السعودية تحقيق تحسينات في الكفاءة، ونواصل خفض كثافة الكربون والميثان في مرحلة الإنتاج الأولى. إلى جانب ذلك، نطبق الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في أعمالنا، ونستثمر في البنية التحتية واستقطاب أفضل الكفاءات، إضافة إلى توسعة برنامج رأس المال الجريء لدينا بقيمة 7 مليارات دولار أمريكي.

وفي النهاية، ينصب تركيزنا على القيمة عندما نستثمر في تطوير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية. في العامين الماضيين فقط، نجحنا في تحقيق قيمة تكنولوجية قدرها ستة مليارات دولار، ومن المتوقع تحقيق ما بين ملياري إلى أربعة مليارات أخرى هذا العام.

وينطبق النهج نفسه على تعزيز مكانتنا في مجال مصادر الطاقة الجديدة، ولدينا الاستعداد للتوسع عندما تصبح هذه الطاقات منافسة تجاريًا. تمكّننا هذه الإستراتيجية المتوازنة من الاستعداد لمستقبل واقعي، وتوفر قيمة طويلة الأجل لمساهمينا وحملة الأسهم في جميع أنحاء العالم.

سيداتي وسادتي، لقد أوقعت خطة التحوّل الحالية العالم في حفرة لن يكون من السهل الخروج منها.

لذا، لو كتب تشرشل تاريخ تحوّل الطاقة لذكّرنا بأن هذا ليس النهاية، ولا حتى بداية النهاية. لكن ربما سيشير إلى أن مجرد تحولنا من الضجيج المصاحب لخطة التحوّل الراهنة إلى الواقع، علامة على نهاية الحفر لأننا يجب أن نقلّص الفجوة بين المفاهيم المتباينة لنظام الطاقة الذي يحتاجه العالم.

وهذا هو السبيل الوحيد لتحقيق تقدم بصورة مستمرة. لذا، حان الوقت لاتخاذ مسار يدفعنا إلى الأمام، لا إلى الوراء، استنادًا إلى حقائق مشتركة حتى يتمكن الجميع من السير معًا. مسار يرحب بإضافة مزيد من الطاقة من جميع المصادر.

مسار يأخذ بعين الاعتبار وفرة وأمن الطاقة والقدرة على تحمل تكاليفها بالإضافة إلى استدامتها. طريق يُلهمنا للتعاون على نطاق عالمي يُسهم في إحراز تقدم حقيقي يصب في مصلحة الجميع. 

هذا هو التحوّل الواقعي والمتوازن والشامل الذي يحتاجه العالم، وأعتقد أنه أصبح الآن في متناول أيدينا.

شكرًا لكم.

الاستفسارات الإعلامية

جميع استفسارات وسائل الإعلام يتم التعامل معها من قبل إدارة الإعلام والتواصل التنفيذي في أرامكو - قسم العلاقات الإعلامية. الظهران - المملكة العربية السعودية

لجميع الاستفسارات الإعلامية، يرجى الضغط هنا.

أحدث الكلمات

عرض جميع الكلمات